موقع الثوابت الدينية المغربية الإفريقية – تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم، وصل اللهم على من بعثته قائما بأمر الدين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، المبعوث رحمة بالمومنين، وحجة على العالمين، والحول والقوة لمن لا يؤوده حفظهما، وهو العلي العظيم.
وبعد، فلما كان الإسلام خاتم الأديان، فقد كتب الله له أن يصل إلى مختلف الشعوب والبلدان، بما في ذلك المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء والسودان، وحازوا شرف ذلك الوصول، وتلقاه أهله بالرضى والقبول، واستعانوا على ما هم فيه بما فطرهم الله عليه من تعظيم الدين، وحب النبي الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، واتباع من له انتساب لدوحة خاتم المرسلين في شخص أمير المؤمنين، واستمروا على ذلك قرونا عددا، أسفرت عن خيارات أرست دعائم التدين في هذه البلدان، من العالم الإسلامي، حتى أصبح نبراسا يقتدى، ونموذجا يحتذى، وذلك بفضل استقرار أحوالهم في الابتدا، على ضبط أوضاعهم بمسمى العبادة، وربط أنماط سلوكهم بفروض الطاعة ولزوم مذهب أهل السنة والجماعة، فاستحقوا بذلك شرف الانتساب إليهم، والسير على منوالهم لأنهم أشجار وعلومهم ثمار، هم يثمرون والناس يجتنون، بهديهم يهتدون، وإلى علمهم يصيرون.
وعلى ذلك الهدي سار المغاربة ومعظم الأفارقة ضمن منظومة دينية تحرسها ثوابت معلومة هي محجتهم البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك.
وذروة سنام تلك الثوابت إمارة المؤمنين القائمة على البيعة الشرعية المنصوص عليها في القرآن الكريم، والسنة النبوية.
وقلبها العقيدة الأشعرية التي أخذ بها المغاربة بناء على إجماع علماء المذاهب السنية.
وأحكامها مؤسسة على اختيار المغاربة العمل بمذهب علماء المالكية.
وأما سلوكها فمنوط بالسادة الصوفية على الطريقة الجنيدية.
وما كان ذلك ليتحقق ويستمر لولا جهود أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أيده الله، ونصره، الذي ما فتئ يرعى ما ولاه الله إياه من أمر حراسة الدين وسياسة شؤون المسلمين.
ومن تجليات ما ناطه الله به: إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي تتغيّى أهدافا، منها:
1- توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين بكل من المغرب وباقي الدول الإفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها.
2- القيام بمبادرات في إطار كل ما من شأنه تفعيل قيم الدين السمحة في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا، سواء على مستوى القارة أو على صعيد كل بلد.
3- تنشيط الحركة الفكرية والعلمية والثقافية في المجال الإسلامي.
4- توطيد العلاقات التاريخية التي تجمع المغرب وباقي دول إفريقيا، والعمل على تطويرها.
ولما بدا من مكنون السر ما بدا، بفضل ما أرشد الله إليه وهدى، فقد هيأ سبحانه للقيام بخدمة هذه الثوابت ثلة من العلماء العاملين والأساتذة الباحثين من المغرب وإفريقيا، من مختلف المعاهد الدينية والمؤسسات العلمية والجامعات المغربية، الذين حرروا علومها وضبطوا رسومها ضمن أنشطتهم السنوية وندواتهم الموسمية.
لذا اقتضى نظر مجموعة من الأكاديميين إنشاء موقع يعنى بالثوابت الدينية المغربية الإفريقية ليكون حاضنا للأنشطة العلمية، التي تنظم في مختلف الكليات والوحدات التكوينية، حيث بادر القائمون عليها إلى توقيع مذكرات تعاون مع موقع الثوابت الدينية المغربية الإفريقية.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا إلى ما يحب ويرضى، وأن يحفظ مولانا أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين، ويؤيده بالنصر والتمكين، ويقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزره بصنوه المجيد مولاي رشيد، كما نسأله سبحانه أن يكون هذا الموقع نافعا في بابه، وأن يجد محلا وقبولا عند مشاهده أو قارئه، آمين آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.