بسم الله الرحمن الرحيم
حفظك الله في ظعنك ومقامك حفظا تصلح به أحوالك وتزكي به أعمالك [وتبلغ به] من الخير صالح آمالك.
علمت ما تؤمه في مخرجك، من حج بيت الله تبارك اسمه وزيارة قبر نبيه عليه السلام والفائدة من علم الديانة من الكتب من الحديث والفقه ما ترجو أن يعود عليك نفعه أولا وأخيرا. قيض الله لك النجح والسعادة والرشاد والتوفيق فيما تؤمه وتؤمله وتقوله وتعمله، فاستعن بتقوى الله ومراقبته فإنها حصن منيع من مكاره الدارين عون مبلغ إلى كل صالحة من خير الدنيا والآخرة ورض نفسك على حسن الخلق والتخلق بمكارم الأخلاق، فإن ذلك يحببك إلى الرفيق والصاحب ويرفعك عما يسبّل بالناس ويضع من أقدارهم وعليك بالأخذ بالحزم فيما أنت بسبيله من سفرك ولا تتكل فيه على الهوينا والصاحب المتخلف واحترس من الناس بسوء الظن في رفق وستر ورفع للأذى ولا تغفل عن التعاهد لتلاوة القرآن فإنه التذكرة الكبرى والحصن المنيع لمن اتبعه في الآخرة والأولى وليكن لجاك (لجأُك) إلى الله فيما تدعه فيه ومعولك عليه، راغبا وسائلا وراجيا وخائفا واستعن به والجأ إليه على ما كان فيك وإذا أحسست من أحد تقوى فاشدد به يديك وجامل من لا ترضى حاله مجاملة لا [تدخل] بها في جرم وتجتنب أهل الشر والباطل ما استطعت في رفق ولا تمار سفيها ولا تراجعه ولا تهازله، وعليك بالرفق ولين الجانب فربما كان ذلك أنفذ وأبلغ من العنف في بعض الأمور وبعض المواطن والغريب أولى الناس بذلك.
وارغب في كل بلدة ترده في خلطة خياره وأهل الديانة منه واقنع بهم وإن قلوا، وقد تؤد بك ضرورة إلى أن تحتاج إلى درء باطل وظلم فداره واستعن بالله في حاجتك إليه.
ومهما رغبت في علم تقتبسه وتطلبه وترويه وتستفيده فمن أوثق من تجده وأقربهم إلى التمسك بالسنة وحسن الحال.
وإذا قضى الله عنك فريضتك ورُمت طلب العلم، فإن عوفيت من دخول العراق فهو أسلم لك فاحذر ثم احذر خلطة أهل الجدل والكلام، فإن وجدت من صالحي رواة الحديث واهل الفقه فخالطهم دون غيرهم.
وإن كتبت الحديث فعليك تصحيحه على ما يدلك أهله، وكتاب البخاري لك فيه كفاية وإن كتبت أو اشتريت مصنفا في الحديث واختلاف السلف، فمصنف ابن أبي شيبة إن كان يوجد رواية وبعده مصنف عبد الرزاق إن لم يكن ذلك، وإن استغنيت عنه بالاقتصار على مذهب أهل المدينة، اكتفيت بما لا تجد منه عوضاً.
وإن كان لك رغبة في الرد على مخالفين من أهل العراق والشافعي فكتاب ابن الجهم إن وجدته وإلا اكتفيت بكتاب الأبهري إن كسبته وكتاب الأحكام لإسماعيل القاضي وإلا اكتفيت باختصارها [للقاضي] أبي العلاء والكتاب الحاوي لأبي الفرج إن كسبته ففيه فوائد وإن استغنيت عنه لقلة لهجك بالحجة فأنت عنه غني بمختصر ابن عبد الحكم أو كتاب الأبهري، وأحسن ما كسبت في الفقه للمالكيين، كتاب ابن المواز.
وإن دخلت العراق فاكتب في مسائل الخلاف ما تجد لأهل الوقت من الحجة والاستدلالات وإن رغبت في شيء من التفاسير فتفسير لإسماعيل القاضي إن كان يوجد وأما تفسير محمد بن جرير (الطبري) فبلغني أنه حسن ولا أدري محل الرجل عند أهل بلده في التمسك وبعض الناس يتهمه وأنا لا أحقق عليه، لإسماعيل كتاب الشواهد فلو وجد لكان حسنا والمنهوم في الكتب لا يشبع.
وأسأل الله أن يحملك على أجمل الطرق وأسلمها عاقبة وعاجلة وأقل من هذا فيه مقنع لمن وفقه الله واستعن بالله واستخره والجأ في كل أمر إليه وارغب إليه في السلامة من مساخطه والعمل بمحابه والشغل بأرضى الأعمال عنده والله وليك وناصرك وكافيك وراعيك بفضله ودفاعه ورفقه وكفايته.
ولنا عليك أن تذكرنا في صالح المشاهد وعند تلك المواطن الحميدة … النيات الخالصة…. [وسلم] تسليما.