ذ. محمد المهدي منصور

أستاذ باحث- الدار البيضاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه

يُعد علم الحديث النبوي الشريف من أجل العلوم وأشرفها، وأنبلها وأعظمها، إذ هو العلم الذي يقرب للأمة كلام نبيها، وينقل لهم جمال خطابه ونور بيانه، فبه يطلع العبد على أحوال نبيه صلى الله عليه وسلم وشمائله، وبه يعرف المراد من كلام ربه عز وجل، وحسب المشتغل بالحديث النبوي والراوي له شرفا وفضلا أن ينظم اسمه في سلسلة أعلاها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فمن تحمل الحديث واشتغل بتعلمه وتعليمه كان له الحظ الأوفر من هذا الشرف العالي والعطاء الغالي، كما أن أهل الحديث هم أصحاب مهمة شريفة جليلة من أجل المهام في هذه الأمة، إذ هم حماة الإرث النبوي التليد، وخدام الموروث المحمدي العتيد، وجنود المعرفة والعلم والرأي السديد، يحيي الله بهم سنة خير الأنام، وينور بجهودهم العقول والأفهام، ويزيح عن الأمة الضلال والزيغ والأوهام.

وعلم الحديث النبوي الشريف هو “العلم الذي يرجع إليه الأصولي وإن برز في علمه، والفقيه وإن برّز في ذكائه وفهمه، والنّحوي وإن برّز في تجويد لفظه، واللّغوي وإن اتسع في حفظه، والواعظ المبصّر، والصّوفي والمفسّر، كلّهم إليه راجعون، ولرياضه منتجعون“[1].

وكل من أسعده الله بخدمة الحديث النبوي الشريف يتعرض لنفحة مباركة ودعوة طيبة دعا بها المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن نقل عنه كلامه وخدم بيانه، فقال عليه الصلاة والسلام: “نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه“[2].

وقد كان الإمام سفيان بن عيينة يقول عن هذا الخبر النبوي الشريف: “ليس من أهل الحديث أحد إلا وفي وجهه نضرة لهذا الحديث“[3].

ولو لم يحصل لأهل الحديث من الفضل إلا كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكان خيرا عظيما مغنيا، ولا يخفى ما في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأجر والفضل والمدد والتكريم، وما أكثر الشواهد على ذلك، كقوله عليه الصلاة والسلام: “أولى الناس بي يوم القيامة أكثرُهم عليّ صلاة“[4]، وأهل الحديث هم أكثر الأمة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قيل في قوله تعالى: ﴿يوم ندعو كل أناس بإمامهم﴾ [سورة الإسراء، الآية: 71] : ليس لأهل الحديث منقبة أشرف من هذه، لأنه لا إمام لهم غيره صلى الله عليه وسلم.

ولذلك قال الشافعي رحمه الله: “أهل الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم“[5]، وكان يقول: “إذا رأيت صاحب حديث فكأني رأيت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم“[6].

وصدق الشاعر حين قال:

أهلُ الحديث هم أهلُ النبي وإن    لم يصحبوا نفسَه أنفاسَه صحبوا

وقد بشر الحبيب البشير صلى الله عليه وسلم أمته المرحومة بأن سنته محفوظة، وأن الله قد قيض لهذا العلم الشريف رجالا يدافعون وينافحون عن جواهره ودرره، وحماة يذبون عن حقيقته وجوهره، وذلك في كل عصر وقرن، حيث تشهد ساحات المعرفة في هذه الأمة ظهور علماء أكفاء متصلي السند بالنبي صلى الله عليه وسلم رواية ودراية عبر سلاسل أهل العلم والوراثة النبوية، يتصدرون للذب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيروون حديثه وينقحون أسانيده، وينفون عنه التحريف والتبديل، حماية له من الضياع والابتداع، فقال عليه الصلاة والسلام: (يرثُ هذا العلمَ من كل خلفٍ عدولُه، ينفون عنه تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين)^[7].

وفي بلاد المغرب الأقصى، وبين جنبات مملكة العلماء والأولياء، برز عبر العصور عدد كبير من أهل العلم الذين لمع نجمهم في سماء علم الحديث الشريف، رواية ودراية، حيث خدموا منهج أسلافهم العظام من أئمة الحديث ورواته الكرام، فكانت بصماتهم مصدر إشعاع وتنوير في هذه الأمة.

فقد اعتنى علماء المغرب منذ القديم بتلقي الآثار وتحمل الأخبار، فجابوا لأجل ذلك البلدان والأقطار، وحطوا رحالهم في المدينة المنورة، وقصدوا عالمها الفذ الفريد، الإمام مالك بن أنس رحمه الله، لينهلوا من معين حفظه، ويتعلموا من هديه وسمته.

وممن وفق لذلك؛ تلميذه النجيب يحيى بن يحيى بن كثير الليثي المصمودي (توفي 234هـ)، الذي عاد إلى الأندلس بعلم كثير، وصار أهل الأندلس يرجعون إلى رأيه وقوله، وأخذوا عنه روايته في الموطأ، فاعتمد الناس على روايته في بلاد المغرب لموضعه عندهم من الثقة والدين والفضل والعلم والفهم، ولكثرة استعمالهم لروايته، وراثة عن شيوخهم وعلمائهم.

وما زال المغاربة يعتمدون رواية يحيى بن يحيى الليثي للموطأ، من طريق ابنه عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير، أبي مروان الليثي المصمودي مولاهم الأندلسي القرطبي (توفي 298هـ)، وهو فقيه قرطبة ومسند الأندلس، وكان ذا حرمة عظيمة وجلالة، روى عن والده الموطأ، وحمل عنه بَشَرٌ كثير.

كما كان المغاربة من أوائل المصنفين لدواوين وكتب الحديث والآثار، و”المسند المصنف” لبقي بن مخلد (توفي 276هـ)، و”مصنف” قاسم بن أصبغ (توفي 340هـ)، و”مستخرجه على مسلم“، و”المستخرج على أبي داود“، الذي اختصره بكتابه “المجتبى” وجعله على أبواب وترتيب “المنتقى” لابن الجارود، وكذلك “المستخرج على أبي داود“، لمحمد بن عبد الملك بن أيمن (توفي 330هـ) والمسمى بــ “السنن“، وكثير غيرها؛ نماذج لعبقرية المغاربة ونبوغهم المبكر.

وشواهد النبوغ المغربي في فضاء علم الحديث عند المتقدمين منهم والمتأخرين عديدة، تضمها الدراسات العلمية والإحصاءات في هذا الباب، سواء في الرواية أو التصنيف أو أصول الحديث وقوانين وآداب الرواية إلى غير ذلك من الإنجازات التي يُعد الكثيرُ منها مصدرا ومرجعا أساسا في بابه.

ومن بين هذه العطاءات العلمية الحديثية النفيسة: ما جمعه محدثون مغاربة من أربعينات حديثية في مختلف الأبواب والمواضيع.

وتُعدُّ الأربعينات من أشهر أصناف الكتب الحديثية، وأكثرها تأليفًا وتنوُّعًا، وهي تُبرز تفنُّنَ الأئمة المحدّثين، وبراعتَهم في تجديد عرض مادَّتهم العلمية، وتقريبها إلى عموم المسلمين، فمنهم من جمع أربعين حديثا في موضوع واحد، كالأربعين في التصوف للحافظ أبي نعيم، والأربعين في فضل عثمان لأبي الخير القزويني الحاكم، والأربعين في فضل العباس للسهمي صاحب تاريخ جرجان، إلى غيرها مما لا يحصى من مثل هذا النوع.

ومنهم من جمعها في موضوعات مختلفة؛ كالأربعين في قواعد الدين ومهماته للحافظ النووي، وهي المشهورة بالأربعين النووية، وكما صنع الحافظ عبد الغافر الفارسي الذي جمع أربعين حديثا في أمور مختلفة من أمور الشريعة.

وقد ذكر النووي في مقدمة الأربعين أن أول من صنف في هذا النوع عبد الله بن المبارك، ثم محمد بن أسلمة الطوسي، ثم الحسن بن سفيان النسائي، لتتوالى التصانيف في هذا الباب بين صفوف أهل العلم، حتى قال الإمام النووي رحمه الله: “وقد صنَّف العلماء رضي الله عنهم في هذا الباب ما لا يُحصَى من المصنَّفات“[8]، وما زالت هذه سنة العلماء إلى اليوم، حتى أوصل بعضُ الباحثين المعاصرين الأربعيناتِ إلى ما يزيد على خمسمائة كتاب[9].

ومن أفضل ما جُمع في الأربعينات في زمننا هذا في المغرب مثلا الأربعين الغمارية في شكر النعم للمحدث الشريف عبد الله بن الصديق رحمه الله، وله أيضا الأربعين المنتقاة في فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولشقيقه المحدث الألمعي عبد العزيز بن الصديق الأربعين العزيزية في أحاديث الفتن وأحوال هذا الوقت وحوادثه.

وقد كان الباعث لهؤلاء العلماء على التصنيف في الأربعين اتباع حديث: “من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة من زمرة الفقهاء والعلماء“، وهو حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أربعة عشر صحابيا، لكن كل تلك الطرق لا تثبت، وقد اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه، ولكن استحب العلماء الأخذ به في هذا الباب إذ العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال جائز كما هو معلوم.

وتوثيقا لهذا المجهود المبارك لأهل الحديث المغاربة في تصنيف الأربعينات الحديثية فقد جمعتُ هذه اللائحة مما صنف في هذا الباب، مستقاة من مختلف الدراسات والمصادر العلمية التي تعنى بجهود أهل الحديث ومصنفاتهم وآثارهم، أوردها هنا مرتبة ترتيبا زمنيا بحسب وفاة المصنف:

1. الأربعون حديثاً، محمد بن أحمد بن الصَّقيل الأندلسي (توفي بعد 550هـ).
2. الأربعون حديثاً من رواية المُحَمَّدين المُخَرجة من “البخاري”، محمد بن على بن ياسرالجَيَّاني (توفي 563هـ).
3. الأربعون حديثاً، صائن الدين يحيى بن سَعْدون الأزدي القُرطبي (توفي 567هـ).
4. الأربعون حديثاً في الحَشْر وأهْوال النَّشْر، يُوسف بن عبد الله بن عَيَّاذ الرَّيِّي (توفي 575هـ).
5. الأربعون حديثاً في العبادات، نفس المؤلف.
6. الأربعون حديثاً عن أربعين، أحمد بن يحيى بن عميرة الضبي المرسي (توفي 599هـ).
7. الأربعون المسلسَلة، علي بن أحمد بن قنون الكُومي الأشبيلي (توفي في القرن 6 الهجري).
8. الأربعون حديثاً، محمد بن قاسم التَّميمي الأندلسي (توفي 603هـ).
9. الأربعون حديثاً، أبو عمر أحمد بن هارون بن عَات الشَّاطبي (توفي 609هـ).
10. الأربعون حديثاً في الحُب في الله، محمد بن عبد الرحمن التُّجيبي اللَّقَنتي (توفي 610هـ).
11. الأربعون حديثاً في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، نفس المؤلف.
12. الأربعون حديثاً في الفقر وفضله، نفس المؤلف أيضاً.
13. الأربعون حديثاً في المواعظ، أيضاً.
14. الأربعون حديثاً عن أربعين شيخاً من أربعين قبيلة في أربعين باباً من العلم، بين “مُسند” و”مُصَّنف” عن أربعين من الصحابة، بأربعين اسماً، من أربعين قبيلة؛ أبو القاسم محمد بن عبد الواحد المَلاَّحي الغَرناطي (توفي 619هـ).
15. الأربعون حديثاً عن أربعين شيخاً من أربعين بلداً، علي بن أحمد بن يحيى الأزدي الجَيَّاني (توفي 628هـ).
16. الأربعون حديثاً، علي بن محمد بن يبقي الخزرجي الأوريولي (توفي 630هـ).
17. الأربعون حديثاً عن أربعين شَيخاً لأربعين من الصَّحابة في أربعين مَعْنى، أبو الرَّبيع سُليمان بن موسى بن سالم الكَلاَعي البَلَنسي (توفي 634هـ).
18. الأربعون السُّبَاعية من حديث السِّلفي، نفس المؤلف.
19. الأربعون حديثاً، محمد بن علي بن عسكر الغساني المالقي (توفي 636هـ).
20. الأربعون حديثاً في فضل المعُونة والمعِين، محمد بن إبراهيم بن حَريرة الأزدي المالَقي (توفي 637هـ).
21. الأربعون الطِّوال، أبو عبد الله محمد بن علي بن العربي الحاتمي المُرسي (توفي 638هـ).
22. الأربعون المتقابلة، نفس المؤلف.
23. الأربعون حديثاً في أربعين باباً، محمد بن إسماعيل بن خَلفون الأزدي الأَوْنَبي (توفي 656هـ).
24. الأربعون حديثاً عن أربعين شيخاً من رجال الأندلس، من أربعين مصنفاً من تصنيف مشايخ الأندلس، لأربعين عالِماً من أربعين طريقاً إلى أربعين تابعاً، عن أربعين صحابياً بأربعين اسماً، من أربعين قبيلاً، في أربعين باباً، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الأبَّار القُضاعي البَلَنسي (توفي 658هـ).
25. الأربعون الطِّبِّية المستخرَجة من “سنن” ابن ماجه وشرحها للموفَّق البغدادي، محمد بن يوسف البرزالي الإشبيلي (توفي 663هـ).
26. الأربعون حديثاً من رواية المُحَمَّدين، أبو بكر محمد بن يوسف بن مَسدي الغرناطي (توفي 663هـ).
27. الأربعون المختارة في فضل الحج والزيارة، نفس المؤلف.
28. الأربعون حديثاً التُّساعية الإسناد، أبو العباس أحمد بن محمد بن الغَمَّاز البَلَنسي (توفي 693هـ).
29. الأربعون حديثاً، الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص بن النَّاظر الغَرناطي (توفي 699هـ).
30. الأربعون حديثاً عن أربعين امرأة من الصَّحابيات، أحمد بن أبي القاسم بن وَدَاعة النِّفْري الرُّنْدي (توفي 738هـ).
31. الأربعون حديثاً، عبد المهيمن بن محمد الحضرمي السَّبْتي (توفي 749هـ).
32. الأربعون حديثاً في الرَّقائق، محمد بن عبد الله بن منظور القيسي الغرناطي (توفي 750هـ).
33. الأربعون حديثاً التُّساعيات، محمد بن عثمان بن المُرابط الغَرناطي (توفي 752هـ).
34. الأربعون حديثاً البُلدانية والمُسْتَدْرَك عليها من البلاد التي دخلْتُها ورويتُ فيها زيادة على الأربعين، إبراهيم بن عبد الله بن الحَاجِّ النُّمَيري الغَرناطي (توفي 768هـ).
35. الأربعون حديثاً التي رويتُها عن الأُمراء والشيوخ الذين رَوَوا عن الملوك والأمراء، والشيوخ الذين رَوَوا عن الملوك والخلفاء القريب عَهْدُهم، نفس المؤلف.
36. الأربعون حديثاً، محمد بن أبي بكر الدلائي (توفي 1046ه).
37. الأربعون حديثاً، عبد الواحد بن الحسين الصّنهاجي (عاش في القرن 12 الهجري).
38. الأربعون حديثاً في الأصول والفروع والرَّقائق، أحمد بن محمد بن عجيبة الأنجري (توفي 1224هـ).
39. الأربعون حديثاً في فضل حجّ بيت الله الحرام، محمد التهامي بن المدني جنون الفاسي (توفي 1331هـ).
40. الأربعون حديثاً في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، نفس المؤلف.
41. الأربعون حديثاً في الزكاة، نفس المؤلف أيضاً.
42. الأربعون حديثاً في فضل صيام رمضان وقيامه، أيضاً.
43. الأربعون حديثاً في فضل الصلاة والمحافظة عليها، أيضاً.
44. الأربعون حديثاً في فضل يوم الجمعة وبركاتها المدَّخَرة لهذه الأمّة المحمَّدية، أيضاً.
45. الأربعون حديثاً في فضل الهَيْللَة، أيضاً.
46. الأربعون حديثاً من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر، محمد حَبيب الله بن عبد الله الجكَني الشِّنجيطي (توفي 1363هـ).
47. الأربعون حديثاً القُدُسية، أحمد بن محمد العمراني الفاسي (توفي 1370هـ).
48. الأربعون حديثاً الوَعْظِية، نفس المؤلف.
49. الأربعون حديثاً في لا إله إلا الله، نفس المؤلف أيضا.
50. الأربعون حديثاً في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيضاً.
51. الأربعون حديثاً البُلْدانية للطَّبراني، أحمد بن محمد بن الصدّيق الغماري (توفي 1380هـ).
52. الأربعون المتتالية بالأسانيد العالية، نفس المؤلف.
53. الأربعون حديثاً التي عُزيت إلى كتب لم تُوجَد فيها، محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكَتاني (توفي 1382هـ).
54. الأربعون حديثاً المسلسَلة بالأشراف، نفس المؤلف.
55. الأربعون حديثاً في الصدقة وذمّ السُّؤال، محمد بن محمد النابغة التندغي (توفي 1383هـ).
56. الأربعون الغمارية في شكر النعم، عبد الله بن الصديق الغماري (توفي 1413هـ).
57. الأربعون المنتقاة في فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، نفس المؤلف.
58. الأربعون العزيزية في أحاديث الفتن وأحوال هذا الوقت وحوادثه، عبد العزيز بن الصديق الغماري (توفي 1418هـ).

وهكذا فإن اهتمام علماء المغرب عبر العصور بالتصنيف في باب الأربعينات الحديثية تحديدا شاهد من شواهد اعتناء المغاربة منذ القديم بعلم الحديث الشريف بكل جزئياته وأبوابه وأقسامه وفنونه، مما يزيدنا يقينا أن المملكة المغربية كانت ولا تزال قلعة من قلاع الدين، وحصنا للدفاع عن سنة سيد المرسلين، ومركزا لخدمة مواريث النبوة ونشر مبادئ الهدى وتعاليم الخير.

ويأبى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلا أن يتم ما بدأه أسلافه الميامين، ويسير على نهجهم الأصيل الرصين، في رعاية شؤون سنة جده المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم، حيث قام أيده الله -من بين ما قام به من إنجازات علمية ومعرفية رائدة في الحقل الديني بالمملكة- بإعطاء أمره السامي لإنشاء منصة محمد السادس للحديث الشريف[10].

هذه المنصة التي تولت مهمة تطويرها لجنةٌ متخصصةٌ من علماء المغرب إلى جانب خبراء ومسؤولين من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث وضعت برنامجا علميا دقيقا ومنضبطا، أشرفت من خلاله على جمع الحديث الشريف من مدونات السنة، موجهة ثلة من المرشدات والمرشدين، لإنجاح هذا المشروع العظيم، فشمرت هذه المجموعة عن سواعد الجد، وتفرغت لإنجاز هذا العمل بكل جد وتفان حتى يكون مادة جاهزة على المنصة الإلكترونية تنشر العلم الصحيح وتبدد كثيرا من الزيف والتضليل.

وقد جاء هذا الإنجاز المبارك في زمنه المناسب، فالفضاء الافتراضي كما يعرف سهولة في الوصول إلى المعلومات فإنه كذلك يعرف تشويشا وتشويها كبيرا من بعض المغرضين المخالفين لمنهج أهل الحديث في قبول الأحاديث أو ردها، نتج عنه طمسٌ لأهم معالم هذا العلم ورموزه وأسماء أعلامه، دون أن ننسى تأثيره الخطير على الشباب، ما جعل الحاجة ملحة لإنشاء هذه المنصة اعتبارًا لكون هذا الفضاء من الضرورات التي لا يستغني عن الاستفادة منها طالبُ علم أو معرفة.

فهذه خطوة مباركة ميمونة تتوج أوجه العناية المتفردة والرعاية المتجددة لأمير المؤمنين حفظه الله، ومكرمة أخرى من مكرمات صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في خدمة حديث جده المصطفى صلى الله عليه وسلم بصيغة عصرية جديدة، وملمح معاصر يُلحق بالسجل المغربي المشرف في خدمة علم الحديث النبوي الشريف.

[1] ابن الوزير، الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، ج1 ص:9.

[2] أبو داود، سنن أبي داود، كتاب العلم، باب فضل نشر العلم، رقم الحديث: 3660.

[3] الحافظ العراقي، المستخرج على المستدرك للحاكم، ص: 13.

[4] الترمذي، سنن الترمذي، أبواب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي، رقم الحديث: 484.

[5] الحافظ العراقي، المستخرج على المستدرك للحاكم، ص: 13.

[6] المصدر نفسه، ص: 14.

[7] البيهقي، السنن الكبرى، كتاب الشهادات، باب الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث، رقم الحديث: 20911.

[8] الإمام النووي، مقدمة الأربعين النووية.

[9] المعين على معرفة كتب الأربعين من أحاديث سيد المرسلين، لسهل العود. بواسطة بحث: الأربعينات الحديثية، لزياد أوزون، ص: 595.

[10] رابط المنصة على الانترنت: www.hadithm6.ma ، كما يمكن الدخول على المنصة والاستفادة من موادها العلمية من خلال تطبيق المنصة المتوفى عبر مختلف أنظمة الهواتف الذكية والأجهزة الحديثة.