إثر وفاة صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله في الساعة الرابعة والنصف من عشية يوم الجمعة لـ 9 ربيع الثاني عام 1420هـ الموافق 23 يوليوز سنة 1999م، بويع ابنه وولي عهده الأمير سيدي محمد ملكا على المغرب طبقا لأحكام الدستور. وعقد البيعة الشرعية لجلالته الأمراء والوزراء ونواب الأمة والعلماء وكبار ضباط الجيش وزعماء الأحزاب السياسية وغيرهم.
وقد تلا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد عبد الكبير العلوي المدغري بين يدي جلالته نص وثيقة البيعة. ثم وقع الوثيقة الشريفة صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي هشام، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، والوزير الأول، ورئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين، وأعضاء الحكومة، ومستشارو صاحب الجلالة، ورؤساء المجالس العلمية، ورئيس المجلس الأعلى، والوكيل العام للملك به، ورئيس المجلس الدستوري، والضباط السامون بالقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، والمدير العام للأمن الوطني، ورؤساء الأحزاب السياسية وغيرهم.
وكان الموقعون يتقدمون تباعا للسلام على جلالة الملك محمد بن الحسن أعزه الله وأيده.
“الحمد لله الذي جعل الإمامة العظمى أمنا للأمة ونعمة ورحمة، وجعل البيعة ميثاقا، والطاعة لأولي الأمر عهدا ووثاقا، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْه اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، وقال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”.
وإنه لما قضى الله بوفاة أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين، وإمام المسلمين في هذا البلد الأمين، جلالة الملك الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن قدس الله روحه وطيب ثراه، وعطر بأريج الرحمة مثواه، ولما كانت بيعته الشرعية في أعناق المغاربة جميعا من طنجة إلى الكويرة، وكانت البيعة من الشرع، وهي الرابطة المقدسة التي تربط المؤمنين بأميرهم، وتوثق الصلة بين المسلمين وإمامهم، وكان فيها ضمان حقوق الراعي والرعية، وحفظ الأمانة والمسؤولية، وسيرا على المعهود في تقاليدنا الملوكية المرعية، والتي بفضلها تنتقل البيعة بولاية العهد من الملك إلى ولي عهده من بعده، فإن أصحاب السمو الأمراء وعلماء الأمة وكبار رجالات الدولة ونواب الأمة ومستشاريها ورؤساء الأحزاب السياسية وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية الموقعين أسفله، إذ يعبرون عن ألمهم بفقدانهم لرمز الأمة سليل الملوك العلويين الكرام، وواسطة عقد الأئمة العظماء الأعلام، مولانا الحسن بن مولانا محمد بن مولانا يوسف بن مولانا الحسن، ويبتهلون إلى الله جلت قدرته وتجلت عظمته أن يسكنه فسيح الجنان، ويحسن إليه أكبر الإحسان، على إخلاصه وتضحيته، وأدائه الأمانة على وجهها، ووفائه بالرسالة بأكملها، يقدمون بيعتهم الشرعية لخلفه ووارث سره صاحب الجلالة والمهابة أمير المؤمنين سيدنا محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن جعل الله أيامه أيام يمن وخير وبركة وسعادة على شعبه وبلده، وحقق على يديه الكريمتين آمال هذه الأمة الوفية المتمسكة بعرشه والمتفائلة بعهده، ملتزمين بما تقتضيه البيعة من الطاعة والولاء والإخلاص في السر والعلانية والمنشط والمكره طاعة لله عز وجل، واقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، سائلين الله لأمير المؤمنين طول العمر ودوام النصر والعز والتمكين.
وحرر بالرباط في يوم الجمعة تاسع شهر ربيع الثاني 1420هـ الموافق 23 يوليوز 1999م”.